أوصى هارون الرشيد الأحمر النّحوي حينما عهد إليه بتأديب ولده، فقال: يا أحمر، إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة, وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القرآن، وعرّفه الأخبار، وروّه الأشعار، وعلمه السنن، وبصرّه مواقع الكلام وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرّنّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه، فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته، فيستحلي الفراغ ويألفه. وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أبا هما فعامله بالشدة والغلظة.